الأحد، 1 ديسمبر 2019

دُفعة واحدة..

يسيطر علي شعور بلا إسم، أظنه يشبه الشعور الذي يخلفه  سلاح في قبضة مختل عقلي بذهن مشوش وشعور بانعدام الجدوى حتى جدوى السلاح الذي يحمله تنعدم فهو لا يمكنه القطع إذا ما كان مابين أصابعه سلاحا حقيقيا مُعد للانطلاق والإيذاء وإنهاء حياة أحدهم أو أنه مجرد لعبة لطفل 

أمس مارست هوايتي المفضلة فتسلقت حتى بلغت القمة الشاهقة لجبل الحزن والعجز، سكنت هناك لبعض الوقت أقلب فيما كان وما هو كائن وما سيكون كمن ينظر إلى ثلاث رؤوس بارزة لشوكة ثلاثية حملها شيطان ليرمي بها فيكون له ما أراد، ولكنه خلفها فوق هذه القمة المهجورة، تُرى أي خذلان قد لقي ليرحل دونها؟ 

داهمني ألم مفاجئ في عظام الفك، أبطئ تدفق حديثي،  وتولد لدي حرجا من انتباه مستمعيني لما اعتراني، قبل أن أتمكن من السيطرة على الوضع أطلت عاهتي الاجتماعية،  أرى تفاصيل كائنة منذ البدء وكأني أراها للمرة الأولى اتساعات العيون التواءات الأنوف قبح الملابس الحركات الطفيفة استحوذت على تركيزي، الآن أواصل الحديث باستماتة فاقدا السيطرة على ما كنت أرويه، أحاول البحث، عن خاتمة سريعة تقيني المزيد من الحرج، ولكن الفتور البادي في وجوه مستمعيني واتساع عيونهم ومتابعتها لي في    مبالغة تعكس ادعاء الاهتمام، جعل ابتلاع الحرج لي أيسر، أحدهم أطلق رصاصة الرحمة واستأذن في الانصراف، وانفض الجمع، وبقيت ذاهلا للحظات، ثم استولى على التعجب من حماسي في الحديث إلى الغرباء لحد أن يؤلمني فكي، ثم تساءلت عن كم من الوقت قد مضى دون التحدث بتدفق وعن رغبة فاستولى عليا شئ من الآسى ورثاء الذات هممت بنفض كل ذلك بتذكر ماكنت أحدثهم عنه ولكني عجزت

بعد دوران مطول في دوامات فكرية حول خطوتي التالية، لم أخلص إلى رأي مقنع فاستسلمت لاحساس غالب بأن أقول مالدي دفعة واحدة، هذا ما ينبغي أن يكون، وفي أسوء الأوضاع ما ستأول إليه الأمور هو انفضاض تلك الشراكة، وهو احتمال وارد في كل الأحوال فبرغبتنا اجتمعنا وبمقتضى الحال نفترق، وربما الأمر واقع وليس بحاجة إلا إلى الاعلان والتصريح، ربما ظلال الحزن التي تخايلني بسبب هذا الانفصال المحتمل أمر طبيعي، فذكرى تصوراتنا  لنجاحات شركتنا في سنواتها الأولى لا تزال زاهية لا ينقص من بهائها إلا الانفصال الوشيك الذي سيقع بعد المصارحة،  دفعة واحدة وربما تكون الأخيرة وهذا أغلب الظن

بدا لي أن الرغبة في الافصاح قابلتها رغبة في المعرفة، تسرب غضب مضطرد إلى نفسي جراء التشجيعات الأولى لشريكي التي صاحبت اضطرابي بحثا عن طريقة مقبولة لصياغة ما أود أن أبوح به، تحولت التشجيعات إلى ما يشبه توقعه لما أرغب في أن أقوله، سيطر علي الخاطر بعثر أفكاري وشكك في حساباتي، أبذل مجهودا مضاعفا في السيطرة على غضبي، أتشكك في نواياه تتضائل رغبتي في البوح، لا أعلم ولكني انتهيت مما أردت أن أزيحه عن صدري وانفجارا مدويا كنت أترقبه عند بلوغ غاية حديثي حل مكتوما داخلي فقط، أصابتني الحيرة وتحولت مستمعا ذاهل لخطته في الاستحواذ على الشركة والتي تحقق غايتي ضمنا صرت على الهامش، خلف الشريك عرضا كريما تاركا الباب أمامي لأعود عما أنا مقدم عليه لأكون جزء من الخطة والهيئة الجديدة للشركة، اختلطت علي مرارة الشعور بالخسارة والخوف من التضحية بما قد لا أقدر على تعويضه وشكي في حقيقة رغبتي في انفضاض الشركة فانسللت من اللقاء لا أدري من منا كان لديه شيئا ليقوله، من منا طرح فهما للواقع يرسم ما سيحمله المستقبل، وعدته وعدا سخيفا بأن أمنح نفسي فرصة للتفكير وأن أعلمه بما سأراه أو ما أشعر  به حيال فكرته



يسيطر علي شعور بلا اسم، ربما يشبه ما قد يشعر به مختل عقلي مشوش الأفكار حمل سلاحا بين أصابعه وكأنما نسي مصدره وكأنما ظهر من العدم ليكون في يده وفي ذروة  امتلائه بانعدام الجدوى من كل شئ فكر أن يلعب لعبة تتساوى فيها كل الاحتمالات ألا وهي أن يصوب هذا السلاح على رأسه فإن نجا سيتدبر أمره وإن لم يفعل سيجني الخلاص وإن لم يكن هذا السلاح كافيا فحتما سيعود إلى رشده ويستعيد القدرة على التمييز بين الحقيقة والأوهام

الاثنين، 21 أبريل 2014

ضحك: دحك



نحاول أن نوقف نوبة الضحك العنيفة لأننا لن نستطيع أن نضحك بهذا العنف إلى الأبد، بابتسامات متلاشية وعيون محمرة تملأها دموع لم تفلت في الوقت المناسب نجلس صامتين ومثقلين بنوبات أكثر عنفا معرضة للانفجار في أية لحظة، نراقب ببلادة وصمت موت الكلمات، اصطفاف الكلمات عند مراكز النطق والانتظار ثم التهاوي في النسيان، أوقات صعبة نقضيها في كبت موجات ضحك باتت تتدافع بمجرد سماع أي من مفردات معجم حمق النطق المكتظ والمتمدد باستمرار، حواس حادة تلقائيا من أثر الصمت اليقظ تنجح في رسم صورة شديدة الوضوح للخطر المحدق، نتنفس الخوف في تلقائية وتمرس لا يشعرانا بالخوف، يتخذ الملل ثوبا جديدا ويطرق الباب المفتوح، يمل من انتظار رد فعل لن يأتي، يجلس بيننا في المنتصف تماما كما يحلو له، يراقبنا بإمعان ونتذكر، منذ دهر تهاوى اسمه في النسيان، ونتذكره عندما كان فتيا يملك القدرة على الفعل، ذات مرة أطبق على أنفاس أحدنا ولم يفلته إلا ميتا، لكل الأشياء ذكرياتها، ولكل الأشياء مجدها الغابر، والمجد الآن للضحك شديد الانفجار، والأشياء في مجدها وفي موتها تفقد صورتها الأولى وتكتسي بالمبالغة أو التلاشي حتى ذروة الشفافية ثم يتبقى منها اسمها كلمة تنتظر القفز في الهاوية، تماما مثلنا.

متحلقين حول الملل كما يحلو له أن يتصور، متنبهين إلى تجنب الضحك في مهمة يكلها الخوف إلى أسماء تهاوت في النسيان، لو خطرت على بال استدعت الضحك، ولو بقيت منسية حل حذرا رماديا مقاوم للضحك شديد الفتك بمن يجاريه جهلا أو تطاولا.

نوجد على هذه الحال لدهور تصنع أسماء مدوية متسلطة وظروفا مواتية لنسيانها، أحيانا نقرر أن نبدع بالتخلي عن السكون أو السريان ونتحرك عكس عقارب الساعة لنلتقي مقتنيات النسيان فنعيق السريان الطبيعي للوقت فيقاوم ويمر فينتصر وننتصر ونضحك بعنف قد لا نجد الوقت الكافي لتذكر سببه وربما لن ندرك نهايته.



الأربعاء، 2 يناير 2013

ساعة ومرآة وعيون مغمضة



أنتهى كل ما كان لابد له أن ينتهي دون عناء يذكر، هكذا عندما تترك حبيبات الوقت لتتسرب من بين أصابعك في نعومة ودون إفتعال، لا تحاول أن تأطر الحدث دون داعي، لا تحاول أن تقول شيئا مهما، فلتدع المناسبة تمر دون كلمة للتاريخ، عش في هدوء، ومت كما العادة، لن ينبش أحدهم قبرك، ولن يحزن أحدهم أكثر من اللازم، إن أنت عايشت الهواجس قتلتها، فلا تفكر في منع سقف المدينة من الانهيار، عند مفترق الطرق تخلى عن فنون الحيرة ومارس الاختيار دون تعمق، كل الطرق تكفي للعبور، العبور الصعب ابن غير شرعي للتوقف والتنظير، كن كما الزمن دائم المرور، لا تبحث عن فرادتك فلن تجدها إلا وأنت معطل، المقدمات لا تقود إلى النتائج بهذا الوضوح المبتذل، لا تطل الوقوف أمام المرآة حتى لا تنسى نسيان وجهك، الوجوه ذات الملامح المحددة تعيق العبور، أحذر ميوعة الرفقة حتى لا تراق في أشباه الطرق، أشباه الطرق مستقر المعطلين، وإن التصق بك الحزن، أقتل نفسك، وعش عابرا دائم المرور.