صديق الأب الذي
فضلته في طفولتي ، ذلك الرجل القصير الممتلئ القوام ، يحمر وجهه عند الانفعال الذي
على ما أذكر لم يخرج عن نطاق انفعالات مصاحبة لمداعبة الصغير .. أنا .
لا تمحى من
الذاكرة تلك اللعنة التي يفضلها هذا الرجل : " يلعن تاريخك " بلهجة تعود
إلى مسقط رأسه الذي أجهله ، و أدين له برحلة مدرسية أقنع والدي بأن يلحقني بها ، عندما أعلمته برفض
أبي ..
أستعيدها الآن ، و
أزيل ما علق بها من براءة ، و أزنها ، فتزن شيئا معتبرا يقال لصنيعة المرآة ،
" يلعن تاريخك " ، لا أحب الحديث عن الرجل فهو كغيره ممن اكتظت بهم
حياتي محبي التواري و المرور بسلام ، أولئك الذين لم يحمللوا الحياة أكثر مما تحتمل
، و خلفوا فراغا بعد التكفل بمهمة ضغط ذواتهم في أضيق حيز ، هذا الفراغ الكبير
الذي صار على مشروع المبالغ من جنس المتواضعين أن يملئه ، بماذا ؟؟
بعلاقات
انسانية ، بطموحات فنية ، بتأملات حياتية ، و الكل في المحصلة لم يفي بالغرض ،
بعلاقات انسانية نسيانية يحكمها في أوجها نسيان الانساني لتحقيق الأنس ، و يكون
الأنس بالنسيان لاحقا حتميا عليها بعد استيفاء أطوارها ، بطموحات فنية تفنى قبل أن
توجد عندما يطغى عليها خلط ما هو فني بما هو انساني و لحدوث ذلك أوجه ، فقد تبحث
الفكرة عن الحكي لتصقل بينما الواقفون فوق التراب ينافسون الراقدون تحت التراب في
الصمم ، و لهم في ذلك حكم ، و قد تولد الفكرة بعيب خلقي فجسد بلا رأس ، جسد يحب
الرقص بيني و بينه أو بينها و لا أعتقد أنه قد خرج إلى الوجود شئ من رحمين ، و
أوجه أخرى كثيرة تشبه ذلك و تختلف ، و التأملات الحياتية تضخم حياتي .. مشروع
تاريخي بالكثير من المبالغة ، و الآن تقف بي هنا عند الرجل الذي قال : " يلعن
تاريخك " .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق