الخميس، 25 أكتوبر 2012

يلعن تاريخك .. الرجل و اللعنة


صديق الأب الذي فضلته في طفولتي ، ذلك الرجل القصير الممتلئ القوام ، يحمر وجهه عند الانفعال الذي على ما أذكر لم يخرج عن نطاق انفعالات مصاحبة لمداعبة الصغير .. أنا .
لا تمحى من الذاكرة تلك اللعنة التي يفضلها هذا الرجل : " يلعن تاريخك " بلهجة تعود إلى مسقط رأسه الذي أجهله ، و أدين له برحلة مدرسية  أقنع والدي بأن يلحقني بها ، عندما أعلمته برفض أبي ..
أستعيدها الآن ، و أزيل ما علق بها من براءة ، و أزنها ، فتزن شيئا معتبرا يقال لصنيعة المرآة ، " يلعن تاريخك " ، لا أحب الحديث عن الرجل فهو كغيره ممن اكتظت بهم حياتي محبي التواري و المرور بسلام ، أولئك الذين لم يحمللوا الحياة أكثر مما تحتمل ، و خلفوا فراغا بعد التكفل بمهمة ضغط ذواتهم في أضيق حيز ، هذا الفراغ الكبير الذي صار على مشروع المبالغ من جنس المتواضعين أن يملئه ، بماذا ؟؟
بعلاقات انسانية ، بطموحات فنية ، بتأملات حياتية ، و الكل في المحصلة لم يفي بالغرض ، بعلاقات انسانية نسيانية يحكمها في أوجها نسيان الانساني لتحقيق الأنس ، و يكون الأنس بالنسيان لاحقا حتميا عليها بعد استيفاء أطوارها ، بطموحات فنية تفنى قبل أن توجد عندما يطغى عليها خلط ما هو فني بما هو انساني و لحدوث ذلك أوجه ، فقد تبحث الفكرة عن الحكي لتصقل بينما الواقفون فوق التراب ينافسون الراقدون تحت التراب في الصمم ، و لهم في ذلك حكم ، و قد تولد الفكرة بعيب خلقي فجسد بلا رأس ، جسد يحب الرقص بيني و بينه أو بينها و لا أعتقد أنه قد خرج إلى الوجود شئ من رحمين ، و أوجه أخرى كثيرة تشبه ذلك و تختلف ، و التأملات الحياتية تضخم حياتي .. مشروع تاريخي بالكثير من المبالغة ، و الآن تقف بي هنا عند الرجل الذي قال : " يلعن تاريخك " .   

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق